Thursday, November 20, 2008

كتبوا عن صحار

لا نبالغ إذا قلنا أنه لم تحظ مدينة في عمان و الخليج بذات القدر الذي حظيت به صحار من اهتمام و إشادة من كافة الرحالة و الجغرافيين الذين زاروا المنطقة و نورد فيما يلي مقتطفات من أقوالهم الشاهدة على
:عظمة مدينة صحار و دورها التاريخي
.ياقوت الحموي في كتابه معجم البلدان أشار إلى أن صحار كانت تسمى قصبة عمان*
المقدسي و قد عاصر مجد صحار و قال : لا يوجد في بحر الصين مدينة أكبر منها ، مأهولة جميلة*
و مليئة بالوفرة و اليسار ،و على امتداد شاطئها توجد بها اسواق مدهشة و بيوت عالية ، صحار هي مدخل الصين و مخزن العراق و الشرق و معبر اليمن
الفارسي صاحب كتاب ( حدود العام ) قال عنها : إنها سوق الدنيا كلها*
ليس في الدنيا مدينة تجارية أكثر مالا من تجارها ، تجارات الشرق و الغرب
و الجنوب و الشمال تجلب إليها أولا و منها تحمل إلى سائرالأماكن
الحريري : و صفها بأنها مدينة حسنة الأسواق تجلب إليها البضائع من الهند و الصين و فارس*
الاصطخري : قال في كتابه ( المسالك و الممالك ) بأنه لا يمكن أن توجد على الخليج و لا في بلاد الإسلام
.مدينة أكثر غنى و جمالا من صحار
صحار القصبة الخضراء وبندر الدنيا.. د. سعيد العيسائي*
في مجلة العربي الصادرة عن وزارة الإعلام الكويتية،عدد اكتوبر2008
هذه بعض المقتطفات من المقال
قد لا يدل اسمها على ما تمثله من حقيقة ماثلة، بصفتها حديقة كبرى تغطي معظم مساحاتها البسط السندسية التي تبرق بألوان الأزاهير، وتعشش فوق ربوعها خمائل من كل نوع، فيما تحفها بساتين النخيل ساحلاً وصحراءً وجبلاً. وهي قبل ذلك وبعده مابرحت ذلك البندر المتحضر ومركز الاستقطاب الداخلي على غير ما صعيد، فضلا عن كونها ميناء لا يكف عن حوار الآخر والقبول به عن عقل متفتح وقلب وسيع.
والحقيقة أن اسمها ربما جاء من قبيل المفارقة اللغوية أي من باب تسمية الشيء بضده، إلا أن ياقوت الحموي يرى أن كلمة « صحار » قد تكون مشتقة من الصحرة وهي الجوبة «أي الحفرة الكبيرة» وسط الحرة أي «الأرض التي ألبستها
الحجارة السود» كما نقل ذلك في معجمه عن الأصمعي.
وقيل إنها سميت بذلك نسبة إلى صحار بن إرم ابن سام بن نوح، فيما يرجع غير مؤرخ التسمية إلى صحار بن العباس.
ولعل هذا التباين هو الذي دفع السلطان قابوس إلى أن يهتم بإشكالية الاسم المكاني فأمر بوضع معجم جغرافي للأمكنة شرفت أن أكون أحد أعضائه.
إن لصحار تاريخا موغلا في القدم إذ تشير المصادر إلى أن الساسانيين قبل الميلاد قد اتخذوا من موقعها ميناء لهم وخصوصاً في عهد خسرو أنوشروان.
ومما يجدر ذكره أن بني الجلندي الذين كانوا يدينون بولاء اسمي للفرس هم الذين حكموا عمان قبل مجيء الإسلام وكانت عاصمتهم صحار .
وقد كشفت الدراسات والتنقيبات عن وجود مجتمع يعود إلى ما قبل الإسلام يتوافر على عدد من الفعاليات السياسية والاقتصادية، كانت تسمح له بالتعامل مع الدول الأخرى، وعن وجود أدلة واضحة على أنشطة تعدينية وزراعية في المنطقة ترجع بأصولها إلى مراحل موغلة في القدم.
وبرزت صحار عند انبثاق الإسلام، حيث كانت بوابته إلى عمان، فقد استقبل ملكاها آنذاك «جيفر» و«عبد» ابنا الجلندي موفد الرسول الذي قدم رسالته التبشيرية إليهما، وتفهما الرسالة ودخلا الإسلام طواعية، وكان ذلك سبباً لإسلام العمانيين عامة.
وفي هذا السياق مافتئت تجليات بعض تلكم المراحل شاخصة للعيان، فهذه قلعة صحار مازالت قائمة حتى الآن منذ أن بناها أمراء هرمز في عهد الدولة العمانية النبهانية في القرن الرابع عشر الميلادي.
وتتميز هذه القلعة التي حولت اليوم إلى متحف بوجود نفق يمتد إلى مسافة 10 كيلومترات إلى جهة الغرب، حيث كان يجري استخدامه كخط للإمداد، وباتساع يسمح بمرور حركة الخيول عندما تكون القلعة في حالة حصار أو حرب.
وإذا كانت التنشئة العسكرية والاقتصادية لصحار هي التي تشكل أبرز معالم المدينة، فإنه ينبغي ألا ننسى موقع الثقافة فيها.
سوق صحار الثقافي

ويمكننا أن نستحضر هنا ذلك السوق الذي كان يعقد سنوياً في هذه المدينة، والذي كان يمثل نشاطاً تجارياً وثقافياً في أيام الجاهلية والإسلام، على نحو ما كان عليه سوق عكاظ والمربد.
ومن اللافت أن السوق في الماضي كان يتم تحت رعاية حاكمي عمان آنذاك «جيفر» و«عبد» ابني «الجلندي» مما يعكس اهتمام أولئك الحكام بالنواحي الثقافية.
وما يقدم في هذا السوق الذي تم بعثه اليوم من جديد يمثل مواكبة للتطور الأدبي والثقافي حيث الفعاليات المتنوعة التي تقدم فيه على نحو متنام، لاسيما وهي تجذب إليها العديد من الباحثين العمانيين والعرب.
وإنه لمن الجدير أن يستثمر هذا السوق باستذكار ما أنجبته صحار من أسماء مهمة في مختلف مجالات اللغة والفكر والدين والتاريخ، وليست أسماء مثل: سلمة بن مسلم العوتبي الصحاري صاحب كتابي الأنساب والإبانة في اللغة، وأبي محمد عبدالله بن محمد الأزدي الصحاري صاحب أول معجم طبي لغوي في التاريخ، وعبدالله بن بشير بن مسعود بن عمر العوامري الحضرمي الصحاري صاحب القراءات السبع، والشاعر أبي علي محمد بن زوزان الصحاري العماني، وعلماء آل الرحيل الذين كان لهم دور في تنصيب الأئمة في عمان إلا نماذج من ذلك.
ولا عجب أن تكون صحار ، وهي بكل هذا الجمال الطبيعي، مهوى أفئدة الكثيرين من أهل الخليج الذين حرص بعضهم على اقتناء البساتين أو على الأقل استئجارها.
وامتازت صحار عن غيرها من مدن عمان والخليج بانفتاحها المبكر على مختلف الأعراق والأجناس، فقد ضمت في حناياها من غير العرب من يرجع إلى جذور فارسية أو هندية أو إفريقية، وإنك لا تكاد اليوم أن تميز بين العمانيين في السمت أو الأخلاق أو اللهجة بين جماعة أو أخرى.
وأنت اليوم إذا زرت المدينة فستقودك بعض اللافتات إلى شارع الشيزاو وكشمير وكروان والهمبار والزعفران، التي تمثل ترميزات لذلكم التلاقي الجميل.
لقد انصهر الجميع في بوتقة من الأخوة والدفء والحميمية، وسمت أبناء المدينة على مر العصور.
إن الصحاري شأنه شأن أي عماني إنسان مسالم لا يعرف التعصب أو العنف، على الرغم مما تعرضت له المنطقة من غزوات.
كما عرف بالتسامح فلم تمنعه الفوارق العرقية أو الفقهية من التزاوج والمصاهرة، ولعلي أذكر بهذا الخصوص «الحاج مصبح» و«الحاجة نصرة» اللذين اجتمعت في كل منهما أطياف المجتمع عبر الزواج من غير ما حرج أو غضاضة، ولعلي قد تنفست هذه الخصائص وأنا أعايش الآخرين على اختلافهم.
هل لاختلاف تضاريس المدينة وتنوعها أثره على هذا التنوع الثقافي والاجتماعي ؟ وهل الطبيعة البحرية والزراعية والصحراوية والجبلية تلقي بظلالها على شخصية الأهالي وطبائعهم، وهم منذ زمن بعيد يتحلون بروح المودة والقبول بالآخر ؟ لعل هذا هو أحد الأسباب التي جعلت من صحار محل استقطاب الآخرين من الداخل والخارج.
لقد أخذت من صحار طابعها البحري والجبلي والصحراوي، فإذا كنت حريصاً أن يكون منزلنا قريباً من البحر، وأمانع ضغط الأسرة من بيع المزرعة التي تذكرني بخلفيتي الريفية، فإن بيتنا الجبلي حرصت على ألا أتخلى عنه لأني لا أقوى على مفارقة أي من هذه التضاريس.
لقد ظلت صحار على الدوام ملجأ الكثير من طالبي الأمن والرزق والعلم والتجارة في وقت كانت فيه بعض المناطق العمانية الأخرى تفتقد إلى هذا المطلب أو ذاك. ومن هنا جاء قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - «من تعذرت عليه
المكاسب فعليه بعمان ».
المقال متاح بالنص الكامل في موقع مجلة العربي الالكتروني
على الرابط

No comments: